تقارير طبية تحذر من خطر مكملات الكركم على الكبد: دعوات للتوعية والرقابة
ABCNews-247
أثارت تقارير طبية حديثة مخاوف متزايدة بشأن سلامة مكملات الكركم، بعد توثيق حالات إصابة خطيرة بتلف الكبد لدى بعض المستخدمين، لا سيما عند تناول هذه المنتجات بجرعات عالية ودون إشراف طبي.
ويُعد الكركم، الذي يحتوي على مركب "الكركمين" المعروف بخصائصه المضادة للالتهابات، من أشهر المكملات العشبية التي تُروج لها على نطاق واسع عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يُعتقد أنه يساعد في تخفيف آلام المفاصل، والحد من الالتهابات، والمساهمة في الوقاية من أمراض القلب وبعض أنواع السرطان.
ومع ذلك، فإن الاستخدام المفرط أو غير المنضبط لهذه المكملات قد يتحول إلى تهديد صحي حقيقي، خاصة في ظل عدم خضوع العديد من هذه المنتجات لمراقبة صارمة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA). ويُثير ذلك تساؤلات حول سلامة تصنيع المكملات العشبية ومحتواها الفعلي من المواد الفعالة.
ووفقًا لدراسة نُشرت في JAMA Network Open، يُعتبر الكركم أحد أكثر المكونات العشبية ارتباطًا بالتهاب الكبد السُميّ في الولايات المتحدة. كما أظهرت مراجعة نُشرت في مجلة Hepatology أن المكملات الغذائية عمومًا مسؤولة عن نحو 20% من حالات سمّية الكبد المُبلغ عنها سنويًا، وهو رقم يسلط الضوء على الحاجة إلى توعية المستهلكين بمخاطر الاستخدام العشوائي للمكملات.
وتكمن الخطورة بشكل خاص في بعض المكملات التي تحتوي على مادة "البيبيرين" المستخلصة من الفلفل الأسود، والتي تُضاف إلى منتجات الكركم لزيادة امتصاص الجسم للكركمين. وبينما قد يبدو ذلك مفيدًا من الناحية النظرية، فإن زيادة الامتصاص بمقدار 20 ضعفًا قد يؤدي إلى تراكم المركبات في الكبد، مسببًا إجهادًا كبديًا قد يتطور إلى تلف أو فشل كبدي حاد في بعض الحالات.
وفي هذا السياق، يشدد الأطباء على أهمية التقيد بالجرعات الموصى بها، إذ توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوز 3 ميليغرام من الكركمين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا. إلا أن العديد من المكملات المتوفرة في الأسواق لا توضح بدقة كمية الكركمين، ما يصعّب على المستهلكين معرفة الجرعة الفعلية التي يتناولونها.
كما يُنصح الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية مزمنة، مثل أمراض الكبد، أو الذين يتناولون أدوية تؤثر على وظائف الكبد، بتجنب هذه المكملات تمامًا، أو استخدامها فقط تحت إشراف طبي متخصص.
ويؤكد خبراء التغذية أن الكركم يمكن أن يكون مفيدًا إذا استُخدم باعتدال ضمن النظام الغذائي اليومي، على سبيل المثال كتوابل مضافة إلى الطعام، بدلاً من تناوله على شكل أقراص مركزة، وهي الصيغة الأكثر ارتباطًا بالحالات السامة.
وفي تصريحات صحفية، حذر الدكتور مايكل لويس، أخصائي أمراض الكبد في جامعة كاليفورنيا، من أن "الناس يميلون إلى اعتبار المكملات العشبية آمنة لأنها طبيعية، لكن الحقيقة أن الجرعات العالية من أي مركب نباتي يمكن أن تكون سامة." وأضاف أن هناك حاجة لتحديث السياسات التنظيمية لضمان تحذير المستهلكين من هذه المخاطر بوضوح.
كما وثقت إحدى الحالات، التي نُشرت في مجلة علمية، إصابة امرأة تبلغ من العمر 49 عامًا بفشل كبدي حاد بعد تناول مكملات الكركم لمدة ثلاثة أشهر فقط. وقد تم إدراجها على قائمة انتظار زراعة الكبد، ما يوضح مدى خطورة الاستخدام المطول دون إشراف طبي.
وتتزايد الدعوات حاليًا إلى فرض رقابة أكثر صرامة على سوق المكملات الغذائية، ورفع مستوى التوعية العامة بشأن استخدامها، وذلك لحماية المستهلكين من مخاطر قد تكون غير مرئية في البداية، لكنها قاتلة في نهاية المطاف.
وقد شدد مختصون في الصحة العامة على أهمية توعية الأطباء والصيادلة بهذه المخاطر أيضًا، إذ يلجأ الكثير من المرضى إلى المكملات كخيار بديل دون إعلام الطبيب، مما يزيد من فرص التداخلات الدوائية أو الأعراض الجانبية غير المتوقعة.
وفي ظل تزايد الإقبال على المنتجات "الطبيعية"، يرى مراقبون أن التوعية يجب أن تشمل المدارس والمنصات الرقمية، لضمان وصول الرسالة إلى فئات عمرية مختلفة.