رحلة زعيم حكم بقبضة من حديد حتى لحظة الإعدام
ABCNews-247
في مثل هذا اليوم من عام 1979، أعلن الرئيس العراقي أحمد حسن البكر استقالته من منصبه بعد ضغوط داخلية، وتم تعيين نائبه صدام حسين رئيسًا للجمهورية وأمينًا عامًا لحزب البعث العربي الاشتراكي. ورغم أن صدام كان بالفعل صاحب النفوذ الأقوى في الدولة منذ أوائل السبعينات، فإن تسلمه الرسمي للرئاسة مثّل نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ العراق الحديث. منذ توليه السلطة، بدأ صدام حسين بإعادة ترتيب النظام الداخلي من خلال حملة تطهير واسعة شملت شخصيات سياسية بارزة داخل حزب البعث نفسه، تحت ذريعة التآمر أو ضعف الولاء، وكان أبرزها ما حدث في اجتماع القيادة الشهير في يوليو 1979، حيث أُعلن عن "مؤامرة" داخل الحزب، وتم إعدام عدد كبير من القادة الحزبيين. كما شهدت فترة حكمه تصاعدًا في القبضة الأمنية من خلال تعزيز دور أجهزة المخابرات والأمن الخاص، وتوسيع استخدام الاعتقال السياسي، مما أدى إلى توثيق واسع لانتهاكات حقوق الإنسان، بحسب تقارير منظمات دولية وحقوقية مستقلة. في ظل هذه الأجواء، لم يمر وقت طويل حتى دخل العراق في واحدة من أطول الحروب في القرن العشرين، وهي الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في سبتمبر 1980 واستمرت ثماني سنوات. الحرب بدأت بعد أن اتهمت الحكومة العراقية إيران بقيادة الخميني بانتهاكات متكررة لسيادة العراق، خاصة في منطقة شط العرب، وبالتحريض المستمر على الثورة داخل العراق، لا سيما في الجنوب ذي الغالبية الشيعية. وقد ألقى النظام العراقي بثقله الإعلامي والسياسي للرد على دعوات ما سُمي آنذاك بـ "تصدير الثورة الإسلامية" من طهران، حيث كانت القيادة الإيرانية تنادي بإسقاط الأنظمة "البعثية والعلمانية"، وكانت تدعم جماعات معارضة عراقية، أبرزها حزب الدعوة الإسلامية، الذي اتُّهم لاحقًا بمحاولة تنفيذ اغتيالات داخل العراق. في هذا السياق، رأى صدام حسين أن المواجهة العسكرية باتت ضرورية لضرب الخطر الإيراني قبل أن يتجذر داخل الأراضي العراقية. وفي 22 سبتمبر 1980 شن العراق هجومًا بريًا وجويًا واسعًا على المواقع الحدودية الإيرانية، واحتل بعض المناطق، مما أدى إلى اندلاع حرب شاملة. ورغم أن إيران لم تكن البادئة بالهجوم العسكري، فإن التحريض الأيديولوجي والديني والسياسي المتكرر ضد النظام العراقي لعب دورًا مباشرًا في توتير الأوضاع ووضع المنطقة على شفا الحرب. وهذا ما يجعل جذور الحرب ليست فقط حدودية، بل أيديولوجية وثورية أيضًا. وقد تسببت الحرب في دمار واسع وخسائر بشرية ومادية هائلة في كلا البلدين، وانتهت في 1988 دون تحقيق نصر حاسم لأي طرف، لكنها تركت أثرًا عميقًا في المنطقة ومهدت لأزمات كبرى لاحقة، من بينها غزو الكويت عام 1990، وما تبعه من عقوبات دولية قاسية فُرضت على العراق طوال التسعينات، وصولًا إلى الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أسقط نظام صدام بالكامل. وبعد الإطاحة به، أُلقي القبض على صدام حسين في 13 ديسمبر 2003، واحتُجز لدى القوات الأمريكية، ثم حوكم أمام المحكمة الجنائية العراقية العليا بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية أبرزها قضية مجزرة الدجيل التي وقعت عام 1982. وصدر الحكم عليه بالإعدام شنقًا، وتم تنفيذ الحكم فجر يوم 30 ديسمبر 2006، وهو ما صادف أول أيام عيد الأضحى في ذلك العام، وقد نُفذ الحكم بحضور مسؤولين من الحكومة العراقية آنذاك، وشكّل نهاية فصل دامٍ من تاريخ العراق الحديث.