مكان واحد فقط على كوكب الأرض يُعلّم هذا الفن
ABCNews-247
في قلب بلدة سبيلمبرغو الهادئة شمال شرقي إيطاليا، تقع واحدة من أكثر المدارس الفنية تفرّدًا في العالم: مدرسة فريولي لفناني الفسيفساء (Scuola dei Mosaicisti del Friuli)، المؤسسة الوحيدة عالميًا المتخصصة بالكامل في تعليم فن الفسيفساء.
منذ تأسيسها عام 1922، وهي تحتضن فنانين من مختلف الأعمار والجنسيات، وتعلّمهم هذا الفن العريق بأساليبه الإغريقية والرومانية والبيزنطية، وصولًا إلى التصاميم الحديثة والمعاصرة.
زوار المدرسة – والذين تجاوز عددهم 40 ألف سنويًا – يُفاجأون بمجرد دخولهم المبنى، إذ يجدون أنفسهم وسط متحف حيّ من الأعمال الفنية المصنوعة بالكامل من الفسيفساء: من نسخة فسيفسائية ضخمة لأيقونة بيكاسو "غيرنيكا"، إلى جداريات مستوحاة من أعمال مايكل أنجلو وتحف آيا صوفيا.
لكن ما يميّز الفسيفساء ليس فقط تاريخها أو جمالها، بل دقتها. فهي فن يتطلب صبرًا وتركيزًا عاليًا، ويقوم على تركيب آلاف القطع الصغيرة (tesserae) المصنوعة من الزجاج، الرخام، السمالتو، وحتى الصدف، لتكوين مشاهد فنية متكاملة.
ويصف معلّمو المدرسة هذا الفن بأنه عمل تعاوني لا مكان فيه للأنا، حيث تذوب الجهود الفردية داخل لوحة جماعية متجانسة، يبرز جمالها من خلال الانسجام بين التفاصيل.
خرّيجو المدرسة تركوا بصمتهم في معالم شهيرة حول العالم، من محطة مترو مركز التجارة العالمي في نيويورك، إلى قبة كنيسة القيامة في القدس، ودار الأوبرا في باريس، وصولًا إلى صالات العرض في طوكيو.
وبينما يكمل عدد محدود من الطلاب البرنامج المكثف الممتد لثلاث سنوات، يُمنح القلّة منهم لقب maestro mosaicista – أستاذ الفسيفساء – في رحلة لا تُكافئ فقط على المهارة، بل على الصبر والانضباط والإبداع.