بلد العجائب الأفريقية التي ما زالت خارج رادار السياحة
ABCNews-247
رغم اتساعها الذي يعادل ضعف مساحة ولاية تكساس، تظل أنغولا واحدة من أكثر الوجهات الأفريقية غموضًا على الخريطة السياحية العالمية.
بعد عقود من العزلة بسبب النزاعات المسلحة، بدأت البلاد أخيرًا في فتح أبوابها أمام الزوار الذين يبحثون عن تجربة سفر نادرة في الطبيعة البكر بعيدًا عن الزحام المعتاد في وجهات السفاري الشهيرة.
بالقرب من العاصمة لواندا يمكن للزائر أن ينتقل من الحداثة العمرانية إلى مشهد طبيعي أشبه بلوحة خيالية، حيث تنتشر المنحدرات الشاهقة والتكوينات الصخرية الفريدة على طول الساحل الأطلسي.
أحد أبرز هذه المواقع هو ميرادورا دا لوا، أو ما يعرف بنقطة مشاهدة القمر، وهي منطقة ساحلية تظهر فيها الصخور كأنها مجسمات من كوكب آخر، تشكلت بفعل التعرية عبر آلاف السنين.
الزائر هناك سيجد منصة مرتفعة لمشاهدة المشهد ومنطقة استراحة تضم مقهى صغيرًا ومكتبة غير تقليدية تضم الكتب في ثلاجة معطلة. على بعد كيلومترات قليلة جنوبًا، يقع منتزه كيساما الوطني الذي استعادت فيه الطبيعة توازنها تدريجيًا بعد عقود من الحرب التي أضعفت الحياة البرية فيه.
اليوم، يمكن للزوار أن يشاهدوا الفيلة والزرافات وهي تتجول بحرية وسط مساحات شاسعة من الأراضي غير المأهولة، في تجربة سفاري نادرة بلا حشود سياحية. الساحل الجنوبي للبلاد لا يقل سحرًا، ففي منطقة كابو ليدو تبرز الشواطئ الذهبية كوجهة واعدة لعشاق ركوب الأمواج، حيث بدأ المدربون المحليون بتعليم الزوار القادمين من مختلف أنحاء العالم، وسط أكواخ خشبية بسيطة وخدمات ضيافة متواضعة.
بعيدًا عن الساحل، وفي عمق إقليم مالانجي، تقف صخور بونغو أندونغو السوداء كأحد المعالم الطبيعية والتاريخية الأكثر إلهامًا، حيث كانت هذه التكوينات الضخمة آخر معاقل المقاومة ضد الاستعمار البرتغالي بقيادة الملكة نزينغا. تقول الروايات المحلية إن آثار أقدامها لا تزال محفورة في الحجر، شاهدة على شجاعة امرأة قاومت من أجل شعبها.
من هناك يمكن التوجه نحو شلالات كالاندولا، التي تُعد من الأكبر في أفريقيا، والتي تمنح الزائر إحساسًا بالعزلة والسكينة وسط مشاهد طبيعية خلابة. في أقصى الجنوب، يمتد منتزه إيونا الوطني على مساحة شاسعة تربط أنغولا بجارتها ناميبيا، ويمزج بين صحراء ناميب ومصب نهر كونيني، ما يجعله واحدًا من أكثر النظم البيئية تنوعًا في القارة.
في الوقت الحالي، لا تتوفر مرافق إقامة فاخرة في المتنزه، لكن من المنتظر افتتاح أول مخيم سياحي في نهاية 2025. حتى ذلك الحين، تبقى الرحلة إلى إيونا حكرًا على من يملكون روح المغامرة والقدرة على الاكتفاء الذاتي في بيئة لا تزال بكراً بالكامل.
قطاع السياحة في أنغولا لا يقتصر على الطبيعة فقط، بل يشمل كذلك مسارات ثقافية فريدة، مع جولات تشمل القرى التقليدية، وتجارب المأكولات المحلية المطهية على نار مكشوفة، وزيارات إلى مزارع البن والنبيذ التي أُعيد إحياؤها مؤخرًا.
حتى القطارات القديمة عادت للعمل، مثل قطار روفوس الفاخر الذي يربط بين دار السلام التنزانية ومدينة لوبيتو الأنغولية، في تجربة سفر كلاسيكية بين أحضان البرية. أنغولا الآن تفتح صفحة جديدة في سجل السياحة العالمية، وتدعو الزوار إلى اكتشاف جمالها الهادئ الذي ظل لعقود مخفيًا عن أعين العالم.