United States 24.13°C تسجيل الدخول Sunday, July 27, 2025


ألمانيا على خط النار: أزمة تجنيد تهدد خطة إعادة التسليح في مواجهة الخطر الروسي

ABCNews-247
في ظل تصاعد التوترات مع روسيا، تسابق ألمانيا الزمن لإعادة بناء قوتها العسكرية، إلا أن الخطة الطموحة لإعادة التسليح تواجه عقبة متصاعدة: نقص حاد في الجنود. وبينما تضخ الحكومة الألمانية مليارات اليوروهات لتعزيز دفاعاتها، تظهر المؤشرات أن الأزمة الحقيقية لا تكمن في المال، بل في الموارد البشرية. الحكومة الجديدة بقيادة المستشار فريدريش ميرتس تسعى لرفع عدد أفراد الجيش النظامي من نحو 180 ألف جندي إلى 260 ألفاً، إضافة إلى تشكيل قوة احتياطية ضخمة يمكن استدعاؤها في أوقات الأزمات. لكن سوق العمل المتوتر، والشيخوخة السكانية، والمنافسة الشرسة على الكفاءات المدنية، تضع هذه الخطط أمام اختبار حقيقي. ميرتس حذّر رؤساء الشركات الشهر الماضي قائلاً إن "أزمة التوظيف، لا التمويل، ستكون العقبة الحاسمة أمام بناء أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، ودعا الشركات إلى التعاون عبر تسريح موظفين مؤقتاً لمنحهم تدريباً عسكرياً. من جهته، وزير الدفاع بوريس بيستوريوس أعلن أن الحكومة ستقر قانوناً جديداً نهاية أغسطس المقبل لإطلاق نظام تطوعي للخدمة العسكرية مستوحى من التجربة السويدية، على أن يبدأ التنفيذ مطلع يناير. الهدف هو جذب 110 آلاف مجند بحلول نهاية العقد، وسط تأييد شعبي متزايد لفكرة العودة إلى التجنيد الإجباري، التي يساندها نحو 55% من الألمان. لكن خلف الكواليس، يضغط المحافظون داخل الائتلاف الحكومي لفرض آلية إلزامية لإعادة التجنيد الإجباري في حال فشل النظام التطوعي، بينما يلوّح ميرتس بإمكانية اللجوء إلى هذا الخيار إذا استمر التباطؤ في أعداد المجندين. الاقتصاد يدفع الثمن ورغم أن الحكومة تخلت عن القيود المالية لتحديث العتاد العسكري، إلا أن الخبراء الاقتصاديين يبدون قلقهم من أثر تجنيد الشباب على الإنتاجية الوطنية. دراسة صادرة عن معهد "إيفو" في ميونيخ حذّرت من أن فرض الخدمة الإلزامية قد يُحدث خللاً في سوق العمل ويؤخر التعليم المهني، ما يؤدي إلى تراجع دخل الأفراد ويقلص من الاستهلاك، وبالتالي يضر بالاقتصاد على المدى الطويل. الخبير الاقتصادي إنزو ويبر من معهد أبحاث التوظيف شدد على أن "استغلال الكفاءات بطريقة غير فعالة سيكلف الاقتصاد الألماني ثمناً باهظاً"، مشيراً إلى ضرورة اختيار الأفراد الأنسب للخدمة العسكرية، دون الإضرار بالقطاعات الحيوية الأخرى. شيخوخة سكانية وتجنيد المهاجرين بيستوريوس أقر بأن شيخوخة السكان تمثل تهديداً لتجديد الدم في الجيش، مشيراً إلى الحاجة لاستبدال موجة المتقاعدين وفتح الباب أمام عناصر جديدة. وفي محاولة لسد الفجوة، طرحت الحكومة فكرة تجنيد المهاجرين، وربط الخدمة العسكرية بمسار أسرع للحصول على الجنسية الألمانية. لكن المزاج العام تجاه المهاجرين لا يبدو مهيئاً لهذه الخطوة، خاصة في ظل تصاعد السياسات المتشددة من قبل ميرتس تجاه ملف الهجرة بعد تعرضه لانتقادات سياسية وشعبية حادة. الجيش يبتكر لجذب الشباب في المقابل، يعتمد الجيش الألماني على حملات تجنيد مبتكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفعاليات ميدانية لتعزيز صورته واستقطاب المتقدمين. كما يتم العمل على تحسين ظروف الخدمة، ورفع الرواتب، وتحديث المعدات لجعل الانضمام إلى القوات المسلحة خياراً أكثر جاذبية. ويأمل صناع القرار أن يؤدي تعزيز تقدير المجتمع لأهمية الدفاع الوطني، مع تصاعد التهديدات الجيوسياسية، إلى إعادة تشكيل صورة الجيش في الوعي العام، وبالتالي إنعاش التجنيد. تحذيرات من مواجهة مرتقبة التحركات الألمانية تأتي في سياق أوسع من التوترات الأوروبية، إذ حذّر خبراء عسكريون من أن روسيا قد تكون مستعدة لمهاجمة أوروبا خلال أقل من خمس سنوات. هذا السيناريو الخطير يجعل من مسألة الجاهزية العسكرية أولوية قصوى، ويضع ألمانيا أمام خيار استراتيجي مصيري: إما أن تنجح في تجنيد ما يكفي من الجنود، أو تواجه خطر الانكشاف العسكري في وقت لا يحتمل التراخي.